العلم ومصالح الأمة بقلم الشيخ الدكتور علي بن هلال العبري

الخطة والأهداف المنتديات إرشيف العلم ومصالح الأمة بقلم الشيخ الدكتور علي بن هلال العبري

  • هذا الموضوع فارغ.
مشاهدة مشاركة واحدة (من مجموع 1)
  • الكاتب
    المشاركات
  • #1422

    العلم ومصالح الأمة

    بقلم الشيخ الدكتور علي بن هلال العبري

    لا يخفى على كل قارئ لكتاب الله مطلع على سنة نبيه عليه أفضل الصلاة والسلام، لا يخفى عليه المقام المحمود والمرتبة السامية، والمكانة العالية التي ينالها حملة العلم وطلابه، فللعلماء منزلة ورفعة في الدنيا والآخرة “يرفع الله الذين آمنوا والذين أوتوا العلم درجات” وإذا كان الحق والباطل لا يتساويان والأحياء والأموات لا يتساوون والخير والشر لا يتساويان فكذلك لا يمكن أن يتساوى الذين يعلمون والذين يجهلون قال الله تبارك وتعالى “قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون”.

    وكلنا يعلم أن كلمة إقرأ أول كلمة نطق بها الوحي وألقاها على النبي الأمي صلوات الله وسلامه “إقرأ باسم ربك الذي خلق” فبكلمة اقرأ تبددت ظلمات الجاهلية من عقول العرب وبكلمة اقرأ أصبحت الأمة الأمية أستاذة العالم ومؤدبة الأمم “هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم يتلوا عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين”

    ولأهمية العلم وأثره في حياة الفرد والجماعة وضرورته في الحياة أصدر رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك الإنذار الشديد في حق الذين يحبون أن تعشش أوهام الجهل والجاهلية في عقولهم والذين لا يقومون بواجب التعليم لمن حولهم، حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ما بال أقوام لا يعلمون جيرانهم ويفقهونهم… وليتعلمن أقوام من جيرانهم ويتفقهون منهم أو لأعاجلنهم بالعقوبة”.

    وجعل الإسلام طلب العلم فريضة على كل مسلم من اللحظة التي يبدأ يعقل فيها ويفهم إلى ساعة وفاته بل بالغ في طلبه ذلك حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “اطلبوا العلم من المهد إلى اللحد”، وقال صلوات الله عليه: “طلب العلم فريضة على كل مسلم”.

    والعلم في منظور الإسلام لا يُطلب للوظيفة ولا للمنافع الدنيوية ولا للكسب كلا ولكن العلم في الإسلام عبادة قبل أن يكون وسيلة للدنيا ومعاشها “من سلك طريقا يطلب به علما سهل الله له طريقا إلى الجنة” والله تعالى يقول: “إنما يخشى الله من عباده العلماء كيف لا يكون العلم مفتاح باب الجنة، والملائكة تستغفر لطالب العلم رضى بما يطلب”.

    ربما يدور تساؤل في أذهان البعض فيقول أن العلم الذي أثارت إليه الآيات والأحاديث ووردت فيه آيات وأحاديث تذكر فضله وثواب طالبه هو علم الشريعة والفقه وعلم القرآن والسنة، فهل العلوم الأخرى كالطب والصناعات المختلفة، والمهن التي تحتاج الأمة إليها، هل لمن تعلمها ثواب، وهل لمن يتعلمها فضل في أمته؟ والجواب نعم؛ فالإسلام جاء لحفظ الضرورات الخمسة أو الكليات الخمسة حسب تعبير الفقهاء وهي حفظ النفس وحفظ الدين وحفظ العرض وحفظ النسل وحفظ المال فهذه الأمور الخمسة حفظها واجب وحمايتها فرض على الأمة، والتفريط في واحدة منها عصيان لأوامر الله تعالى، وكل ما يؤدي إلى حفظها واجب فدراسة الطب والتمريض فرض لأن به يتوصل إلى حفظ النفس والنسل، وتعلم الصناعات التي يتوصل بها إلى توفير المساكن ونسج الملابس وتأمين الطعام فرض، وصناعة السلاح الذي يحمي به الدين والأمة والمال من التلف والغضب فرض.

    وقد نص علماء الإسلام على أن الأمة من واجبها والدولة من مسؤوليتها توجيه الناس إلى هذه المهن والصناعات وأن عليها أن توفر وسائل التعليم والتدريس وإلا فإن الأمة آثمة عند الله تعالى لأنها لم تأخذ بأسلوب العزة والقوة.

    هذه المهن من فروض الكفاية والتي يجب على طائفة من الأمة أن تتجه إليها مثلها مثل صلاة الجنازة والعيدين وغيرهما، فإذا كانت الأمة آثمة كلها إذا تركت صلاة العيد أو الجنازة فكذلك هي آثمة إذا تركت مهنة من المهن التي تحتاج إليها، إن كل أمة تريد البقاء والعزة والكرامة، لا بد أن تعتمد على ذاتها في كل شيء، فالأمة التي تعتمد على غيرها في الخبز الذي تأكل، والثوب الذي تلبس، والسلاح الذي تدافع به، أمة تعيش على هامش الخريطة العالمية، مستقبلها بيد أعدائها، كما أن حاضرها بيد أعدائها.

    من هنا يحب على أبناء الأمة أن يطرقوا كل المهن، ويتقنوا جميع الحرف، وعليهم أن لا يأنفوا أو يأبوا من العمل في المهن التي يظنون أنها لا تليق بهم، وهل هم أفضل من نبي الله داود وكان صانع دروع، أو من نبي الله نوح وكان نجارا، أو من نبي الله موسى وكان راعيا للغنم عليهم جميعا صلوات الله وسلامه.

    إن منازل الناس عند الله بحسب إيمانهم وتقواهم وعند الناس بأخلاقهم وتضحياتهم وفي ذلك فليتنافس المتنافسون والله من وراء القصد.

مشاهدة مشاركة واحدة (من مجموع 1)
  • المنتدى ‘إرشيف’ مغلق ولا يمكن إضافة موضوعات أو ردود جديدة.